قم بمشاركة المقال
عقدت قمة زعماء الدول العربية الثانية والثلاثون، الجمعة، في مدينة جدة بالسعودية، وسط أجواء غلبت عليها الحماسة والمفاجآت والتطلعات الكبيرة.
وجاءت قمة جدة بالتزامن مع اشتباكات متواصلة بين الأطراف المسلحة في السودان، وتصاعد التوتر بين الفلسطينيين وإسرائيل، ومباحثات للتوصول إلى تسوية دائمة في اليمن، فضلا عن عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية بعد انقطاع 12 عاما.
اقرأ أيضاً
وحظيت القمة باهتمام لافت من قبل السلطات السعودية والصحافة المحلية، حيث وُصفت على لافتات بالطرقات وعناوين بارزة بـ"قمة القمم"، و"قمة بناء المستقبل"، وقمة "الحضور السعودي الفاعل".
** جهود إنهاء الصراعات
وبعد تسلم رئاسة القمة من الجزائر، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، "مضي الدول العربية للسلام والخير والتعاون والبناء، بما يحقق مصالح شعوبها، ويصون حقوق أمتها"، مشددا على عدم السماح بأن "تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات".
وأضاف: "يكفينا مع طي صفحة الماضي تذكر سنوات مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة، وعانت منها شعوبها وتعثرت بسببها مسيرة التنمية".
وشدد على أن "القضية الفلسطينية ما زالت قضية العرب المركزية"، وأن السعودية تعمل على مساعدة الأطراف اليمنية في التوصل إلى "حل سياسي شامل"، كما أعرب أن تساهم عودة سوريا للجامعة العربية في إنهاء أزمتها.
اقرأ أيضاً
ولي العهد السعودي أشار أيضا إلى ترحيب المملكة بتوقيع طرفي النزاع في السودان "إعلان جدة" لحماية المدنيين من الصراع، مضيفا أن "المملكة تأمل وقفاً فعالاً لإطلاق النار في السودان".
دوليا، جدد ابن سلمان تأكيد موقف السعودية الداعم لكل ما يسهم في خفض حدة الأزمة بأوكرانيا، معربا عن استعداد بلاده للاستمرار في بذل جهود الوساطة بين موسكو وكييف، بما يسهم في تحقيق الأمن والسلم.
اقرأ أيضاً
** مشاركة أوكرانية لافتة
مع حلول صباح القمة، خطف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأضواء في جدة، مع تداول وسائل إعلام سعودية ودولية أنباء عن قدومه لحضور القمة العربية.
وتعد هذه الزيارة غير المعلنة هي الأولى التي يقوم بها زيلينسكي إلى الشرق الأوسط منذ بدء الحرب مع روسيا في فبراير/ شباط 2022.
وكان لافتا أن رئيس القمة ولي العهد السعودي، منح زيلينسكي فرصة إلقاء كلمة في بداية القمة.
ودعا زيلينسكي في كلمته الدول العربية إلى دعم السلام في بلاده، كما أعرب عن ترحيبه بالاستثمارات العربية، وأمله أن يعود السياح العرب لرؤية بلاده قريبا "خالية من الاحتلال الروسي".
وعن جهود الوساطة العربية، أشار زيلينسكي إلى أن أوكرانيا لديها تجربة ناجحة مع الوساطة السعودية بشأن إطلاق سراح الأسرى الأوكرانيين لدى روسيا.
** القضية الفلسطينية
فيما شدد عدد من زعماء العرب، مثل ملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة التوصل إلى حل ينهي التوتر المتصاعد بالمنطقة.
وقال الملك عبد الله الثاني، إنه لا يمكن أن نتخلى عن سعينا إلى سلام عادل وشامل في فلسطين، مشددا على أن هذا السلام لن يتحقق إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967.
وأضاف أن الأمن لا يمكن أن يتحقق ببناء المستوطنات وهدم البيوت وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتدمير الفرص المتبقية لتحقيق حل الدولتين.
من جانبه، قال السيسي: "تابعنا بحزن وألم تصاعد حدة بعض الأزمات العربية في الفترة الماضية، لا سيما ما ينتج عن أعمال التصعيد غير المسؤولة من قبل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية وآخرها ما شهده قطاع غزة".
وتابع: "وبينما تؤكد مصر استمرار جهودها لتثبيت التهدئة، إلا أننا نُحذر من أن استمرار إدارة الصراع عسكريا وأمنيا سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني".
فيما طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على "جرائمها" بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكاتها للقانون الدولي وتوفير الحماية الدولية له، مؤكدا مواصلة السعي للحصول عل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
** السودان واليمن
وعن الوضع في السودان، قال السفير دفع الله الحاج مبعوث رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، إن الجيش قلق من تجاهل المجتمع الدولي "انتهاكات" قوات الدعم السريع.
وتابع: "لسنا دعاة حرب ومنفتحون على الحوار وإذا جنحت القوات المتمردة للسلم فسنجنح له، وإذا وضعت السلاح فسيتم العفو عنها ودمجها في الجيش"، مؤكدا في الوقت نفسه قدرة الجيش على "حسم وإنهاء التمرد".
يمنيا، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، إن تجديد الهدنة في البلاد "يواجه تعنتا" من قبل الحوثيين.
وأردف العليمي "بدلا من إبداء حسن النوايا تجاه المبادرات الحكومية، تواصل تلك المليشيات للشهر الثامن منع وصول السفن والناقلات التجارية إلى موانئ تصدير النفط".
وطالب بـ"تحرك عربي جماعي إلى جانب الأشقاء في دول تحالف دعم الشرعية (التحالف العربي) من أجل وقف الانتهاكات الحوثية الفظيعة للقانون الدولي، ودعم جهود الحكومة اليمنية لإنعاش الاقتصاد، وتحسين الخدمات الأساسية".
** عودة النظام السوري
فيما أعرب الرئيس السوري بشار الأسد، عن التطلع إلى بداية مرحلة جديدة للعمل العربي، وقال: "أتمنى أن تشكل القمة بداية مرحلة جديد للعمل العربي للتضامن فيما بيننا لتحقيق السلام في منطقتنا والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار".
ودعا إلى "استثمار الأجواء الإيجابية الناشئة عن المصالحات التي سبقت القمة".
وهذ أول حضور للرئيس السوري في قمة عربية منذ قرار الجامعة تجميد مقعد دمشق في 2011، قبل أن تتخذ قرارا ثانيا في 7 مايو/ أيار الماضي بعودته ضمن حراك عربي لحل الأزمة السورية.
** "إعلان جدة"
وفي نهاية القمة، أعلن ولي العهد السعودي اعتماد الدول الأعضاء مشاريع القرارات الناجمة عن الاجتماع تحت مسمى "إعلان جدة"، متمنيا التوفيق لمملكة البحرين في استضافة القمة القادمة.
وجاء في "إعلان جدة" تأكيد مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف في السودان ورفع المعاناة عن مواطنيه.
كما أكد الإعلان "دعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وحث كافة الأطراف اللبنانية للتحاور لانتخاب رئيس للجمهورية يرضي طموحات اللبنانيين".
وبعيدا عن السياسة، أكد "إعلان جدة" أهمية المحافظة على "ثقافتنا وهويتنا العربية الأصيلة وبذل كل جهد ممكن في سبيل إبراز موروثنا الحضاري والفكري لتكون جسرا للتواصل مع الثقافات الأخرى.