قم بمشاركة المقال
تستغل شركات إسرائيلية لبيع الأسلحة والتكنولوجيا المتعلقة بالسلاح الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، من خلال اختبار أسلحتها داخل القطاع واعتباره حقلاً لتجارب منتجاتها التي يُصنف بعضها ضمن فئة الأسلحة الفتاكة والتي تتسبب بقتل المدنيين، وتهدف شركات الأسلحة الإسرائيلية من ذلك إلى تسويق أسلحتها فيما بعد لجهات خارجية، بدفع ودعم من جيش الاحتلال الذي أبرم صفقات مع عدد منها.
وفيما أصابت الحرب المستمرة ضد غزة منذ 116 يوماً، أسهم شركات إسرائيلية بخسائر فادحة، تظهر بيانات اطلع عليها "عربي بوست"، تحقيق أرباح ضخمة وقفزة واسعة في أسعار الأسهم لعدد من الشركات الإسرائيلية المتورطة في الحرب على القطاع.
اقرأ أيضاً
لا تأبه شركات الأسلحة الإسرائيلية بالخسائر المدنية الناجمة عن استخدام أسلحتها داخل القطاع، بل تراها فرصة لأخذها نموذجاً لقياس مدى نجاح أسلحتها، وتروج العديد من الشركات الإسرائيلية أسلحتها للعملاء، تحت مسمى "أسلحة تم اختبارها في غزة"، وعلى هذا الأساس تجذب الشركات الإسرائيلية – لا سيما الناشئة منها – اهتمام مستثمرين حول العالم.
ومن خلال تتبعنا لنشاط عدد من شركات الأسلحة الإسرائيلية، وجدنا أنها تنشر إعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي لمنتجاتها، من خلال نشر صور لجنود الاحتلال وهم يستخدمون هذه الأسلحة داخل غزة.
اقرأ أيضاً
وتحظى شركات الأسلحة الإسرائيلية بدعم وزارة الدفاع، لكونها تحقق جزءاً من أهداف إسرائيل في رفع حجم صادراتها من الأسلحة، إذ سجلت إسرائيل في العام 2022، رقماً قياسياً في صادرات الأسلحة، بلغت 12.5 مليار دولار، بحسب تأكيد الجيش الإسرائيلي.
أسلحة تستخدم لأول مرة في غزة
في 22 ديسمبر/كانون الأول 2023، نشرت شركة Smart Shooter الإسرائيلية، صورة على حسابها في موقع "فيسبوك"، يظهر فيها جنود إسرائيليون في منطقة سكنية في غزة، وهم يصوبون أسلحتهم نحو هدف غير واضح، وذكرت الشركة باللغة الإنجليزية أن نظامها المسمى Smash 3000 أصبح مُستخدماً من قبل وحدة "ماجان" التابعة لجيش الاحتلال.
اقرأ أيضاً
صُمم هذا النظام من أجل مساعدة الجنود على إصابة أهدافهم بدقة، ويهدف إلى تحويل كل جندي إسرائيلي إلى قناص، من خلال تركيب جهاز منظار على بندقيات M16 و"تابور"، ويستخدم النظام تقنيات معالجة الصور والذكاء الاصطناعي، وبمجرد تصويب الجندي البندقية على الهدف، يتتبع السلاح الهدف إلى أن يطلق الجندي رصاصته ويقتل هدفه.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" ذكرت في مقابلة أجرتها مع الرئيسة التنفيذية للشركة، ميشال مور، في ديسمبر/كانون الأول 2023، أن نظام Smash يستخدم لأول مرة في غزة، ويؤكد الموقع الرسمي لجيش الاحتلال في تقرير نشره يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن نظام الشركة الإسرائيلية يُضاعف فرص الجندي الإسرائيلي في إصابة أهدافه 4 مرات.
اقرأ أيضاً
ترى مور في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة تمثل دفعةً للمبيعات، وقالت: "هذه أفضل الساعات بالنسبة للصناعات الدفاعية"، وتؤكد مور أن شركتها شهدت نمواً في الطلبات على منتجاتها من قِبَل جيش الاحتلال خلال خوضه للحرب بغزة.
تؤكد مور أيضاً أن الحرب "جيدة" بالنسبة للشركة كما كانت بالنسبة للصناعات الدفاعية الأخرى، وقالت إن هذه الصناعة "تستمتع الآن بطفرةٍ في أعداد الطلبات من كافة أنحاء العالم".
وحتى اليوم الثلاثاء 30 يناير/كانون الثاني 2023، تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة باستشهاد 26 ألفاً و83 شهيداً، و65 ألفاً و387 مصاباً.
ومن خلال تتبع صفقات سابقة وقَّعتها الشركة مع دول أجنبية، إضافة إلى بيانات مركز أبحاث Who Profits الذي يرصد قطاع الأسلحة الإسرائيلي، فإن Smart Shooter تستهدف عملاءها في 11 دولة، بينها أمريكا، وألمانيا، والفلبين، والهند، وقد وقَّعت الشركة صفقات سابقة عدد من هذه الدول، كما أن لديها فرعاً في الولايات المتحدة.
وتشارك الشركة الإسرائيلية في مؤتمرين للسلاح يأتيان بالتزامن مع استمرار الحرب بغزة، وسيكون لديها فرصة الترويج لأسلحتها بما فيها تلك التي دخلت ميدان المعركة لأول مرة بالقطاع، والمؤتمر الأول عُقد في لاس فيغاس بأمريكا، خلال يومي 23 و25 يناير/كانون الثاني 2024، والثاني سيُعقد في مدينة "نورينبرغ" بألمانيا في فبراير/شباط 2024.
اللدغة الحديدية.. تجريب سلاح يخترق الخرسانة
ومنذ بدء الحرب، وثَّق الصحفيون في غزة آلاف الضربات التي نفذها جيش الاحتلال باستخدام القذائف الفتاكة، وبعضها تم استخدامه لأول مرة في الحرب، مثل سلاح Iron Sting أو "اللدغة الحديدية"، وهو عبارة عن قذيفة هاون تعمل بتقنية الليزر ونظام تحديد المواقع (GPS)، وقادرة على اختراق الخرسانة المسلحة المزدوجة.
أكد جيش الاحتلال رسمياً في أكتوبر 2023، بدء استخدامه لأول مرة لهذا السلاح الذي طوّرته شركة Elbit Systems، وعرض مقطع فيديو يوثق استخدام السلاح في قصف غزة.
على الموقع الإلكتروني للشركة، تبرز Elbit Systems تقارير وأخبار باللغة الإنجليزية، عن استخدام سلاحها "اللدغة الحديدية" في غزة، وتشير في بيان نشرته في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى أنه منذ بدء الحرب على القطاع، حصلت الشركة على سلسلة عقود مع جيش الاحتلال للحصول على منتجاتها.
لدى هذه الشركة الإسرائيلية تواجد ملحوظ في الولايات المتحدة، التي تُعد من أبرز عملائها المستهدفين، وتمتلك الشركة مقرات في عدد من الولايات الأمريكية، وسبق أن وقَّعت عقوداً لبيع منتجاتها للجيش الأمريكي، كما أن نشاط عملها يمتد إلى 51 دولة على الأقل، بحسب "مشروع التحقيق" التابع للجنة "خدمة الأصدقاء الأمريكية" المعنية بدعم العدالة الاجتماعية، والسلام.
وتزود الشركة جيش الاحتلال بأسلحة مختلفة يتم استخدامها في غزة، بما في ذلك صواريخ، وطائرات بدون طيار، وذخائر، وقذائف، من بينها قذيفة MPR 500 bomb، ويتم تصنيع العديد من منتجات الشركة في مصانعها ببريطانيا.
شركات الأسلحة الإسرائيلية والطائرات المسيّرة
كان لافتاً خلال الحرب الحالية لإسرائيل على غزة، اعتماد جيش الاحتلال بكثرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة، ووجدت شركات الأسلحة الإسرائيلية في الحرب فرصة لإدخال منتجاتها واختبارها عملياتياً في الحرب، ما سيوفر لها نموذجاً حياً لاستخدام أسلحتها، يمكن استخدامه في الترويج لمنتجاتها.
شركة XTEND الإسرائيلية، التي تصنع طائرات مسيّرة، تم استخدام طائراتها XTEND لأول مرة في الحرب الحالية على غزة، وتقدم الطائرة دعماً لجنود الاحتلال في عملياته العسكرية، ويُشير تقرير لموقع Globes الإسرائيلي، إلى أنه بموجب تعاون بين الشركة وبين لواء "يفتاح" في الجيش الإسرائيلي، جرى تطوير رأس حربي لتركيبه على المسيّرات وتحويلها إلى سلاح (مسيّرة انتحارية).
على موقعها الإلكتروني، تنشر الشركة العديد من التقارير التي توثق استخدامها في الحرب الحالية بغزة، وتفعل الأمر نفسه في منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تنشرها باللغة الإنجليزية لاستهداف العملاء حول العالم.
من بين ما تنتجه الشركة، طائرات مسيّرة رباعية المروحيات أو المحركات، والتي تُعرف باسم طائرات الكوادكوبتر "quadcopter"، وهذا النمط من المروحيات يستخدم في عمليات استهداف المدنيين، وقد تم استخدامها لإصابة النازحين داخل مجمع ناصر الطبي ومحيطه في خان يونس، وسبق أن استخدم الاحتلال طائرات "كواد كابتر" في السنوات القليلة الماضية بغزة، لكن أهدافها كانت تقتصر على جمع المعلومات.
من الشركات الإسرائيلية البارزة أيضاً، التي حققت طفرة في مبيعاتها منذ بدء الحرب على غزة، شركة NextVision، وهي شركة ناشئة تُصنع الكاميرات من أجل استخدامها في منظومات الأسلحة.
يُشير موقع لجنة "خدمة الأصدقاء الأمريكية" الداعمة للسلام إلى أن الشركة تُركب كاميراتها في المسيرات التي تصنعها شركات الأسلحة الإسرائيلية الكبرى مثل "إلبيت، والصناعات الجوية الإسرائيلية، ورفائيل"، وتستخدم في الهجمات الإسرائيلية على غزة.
المؤسس لهذه الشركة هو الطيار والمقاتل السابق، تشين غولان، وقال في تصريح سابق لموقع "كالكاليست" الإسرائيلي، إن "الحروب الحروب تساعدنا على بيع المزيد من الكاميرات"، وأضاف: "من المؤكد أن الحرب في غزة أدت إلى زيادة الطلب".
تُشير الشركة إلى أن معظم عملائها هم من الخارج، إذ يؤكد غولان أن "إسرائيل لا تمثل سوى 20 % من المبيعات".
الشركات الإسرائيلية تحقق أرباحاً ضخمة
يعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تاريخاً مهماً لشركات الأسلحة الإسرائيلية، إذ حققت بعضها أرباحاً لافتةً في سوق الأسهم منذ بدء الحرب على غزة، واستطاعت بعضها مضاعفة قيمة أسهمها، بفعل زيادة الطلب على منتجاتها.
من بين الشركات التي تتبعنا أسعار أسهمها، شركة NextVision، التي حققت ارتفاعاً كبيراً في أسعار أسهمها، منذ بدء الحرب على غزة، وتبلغ القيمة السوقية للشركة حتى تاريخ 27 يناير/كانون الثاني 2024، 2.9 بليون شيكل (نحو 822 مليون دولار).
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وعقب اندلاع الحرب في غزة، تلقت الشركة أكبر طلبية في تاريخها لكاميرات ومنتجات أخرى بقيمة 20.4 مليون دولار.
يُشير موقع "كالكاليست" الإسرائيلي إلى أن الحروب مفيدة لعمل شركة NextVision، فقد نمت إيراداتها منذ بداية العام بنسبة 85% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وقفز صافي ربحها بنسبة 160%.
حققت أيضاً شركة Aerodrome Group Ltd التي تعمل في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيرة، لأغراض الأمن والزراعة، ارتفاعاً في قيمة أسهمها وتبلغ القيمة السوقية للشركة حتى يوم 30 يناير/كانون الثاني 2024 إلى 68 مليون شيكل (18.1 مليون دولار).
وتظهر بيانات أسعار أسهم الشركة أنها حققت ارتفاعاً لافتاً بدءاً من يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي نفس الشهر أشارت تقارير إلى أن الشركة تلقت طلباً لبيع طائراتها بدون طيار بقيمة 1.5 مليون دولار.
الشركة الأخرى من بين شركات الأسلحة الإسرائيلية التي حققت طفرة في المبيعات، هي Thirdeye Systems Ltd، التي تنتج أنظمة التعرف عن الأجسام من قبل الطائرات المسيّرة، وتبلغ قيمتها السوقية حتى يوم 27 يناير/كانون الثاني 2024، 71.76 مليون شيكل (19.6 مليون دولار)، وتؤكد الشركة على موقعها الإلكتروني، أن منتجاتها يتم استخدامها من قِبَل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
يقول أنتوني لوينشتاين، الصحفي المستقل ومؤلف كتاب "مختبر فلسطين The Palestine Laboratory"، الذي يرصد استخدام إسرائيل الأراضي الفلسطينية لتجربة معدات المراقبة ثم تصديرها للعالم: "أعتقد أنك ستلاحظ انتعاشةً كبيرة في السنوات المقبلة لعدد من شركات التقنية والدفاع الإسرائيلية الناشئة، التي ستستخدم أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول كأداة تسويق".
لوينشتاين أضاف في تصريح لمجلة +972 الإسرائيلية: "أعتقد أننا سنرى المزيد من الشركات التي ستستغل ما حدث معنوياً وأخلاقياً لبيع الأسلحة".
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية مراراً أن مستشفيات في القطاع استقبلت مصابين بحروق وإصابات أخرى خطيرة لم يسبق لها مثيل، ويقول المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، في تصريح في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إن "الطواقم الطبية لم تستطِع التعامل مع هذا النوع من الإصابات"، الأمر الذي يدلل على استخدام شركات الأسلحة الإسرائيلية لأسلحة جديدة فتاكة.