قم بمشاركة المقال
مع تصاعد استخدامات تقنية الذكاء الاصطناعي في تخصصات الحياة المختلفة يتزايد الاهتمام بقدرة روبوت الدردشة "شات جي بي تي" على التنبؤ بأسهم أسواق المال حول العالم، والتأثير الذي يمكنه إحداثه حال وصوله إلى مستوى عال من الدقة، خاصة في دول الخليج، التي يبدي شبابها اهتماما متزايدا بهذا النوع من الاستثمار.
وتعزز هذا الاهتمام بعد تأكيد أستاذ المالية بجامعة فلوريدا، أليخاندرو لوبيز-ليرا، أن النماذج اللغوية التي يتم من خلالها إنشاء لغات البرمجة الخاصة بروبوتات الذكاء الاصطناعي "قد تكون مفيدة عند التنبؤ بأسعار الأسهم"، مشيرا إلى أن تجارب على توقع عائدات اليوم التالي لبعض الأسهم حققت نتائج أفضل بكثير من النتائج العشوائية، حسبما أورد في ورقة بحثية حديثة.
اقرأ أيضاً
ويرى لوبيز ليرا، أنه مع تزايد عدد الأشخاص الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي مستقبلا، ستصبح الأسواق المالية أكثر كفاءة، حسبما أوردت شبكة CNBC.
وفي دراسة نشرها مؤخراً الباحثان بمركز "تريندز" الإماراتي للبحوث والدراسات، محمد حمداوي وخالد أحمد عبد الحميد، ذكرا أن الإمارات والسعودية تحتلان الصدارة بين دول الخليج العربية في تبنّي الذكاء الاصطناعي، باعتباره محركاً أساسياً لتنويع الاقتصاد وتطويره في الدولتين واستعماله في مجالات متنوعة، بينها القطاع المالي والبورصات.
غير أن الباحثين حذرا من التحديات الأمنية الناجمة عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن بينها إمكانية قيام جهات معادية باختراق هذه التقنيات وتضليل مستخدميها، وهو ما يمكن أن يكون ذا تأثير بالغ في الأسواق المالية.
وشدد الباحثان على ضرورة تأمين تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يجعلها بعيدة عن قدرة جهات معادية على استخدامها لتهديد الأمن الرقمي للدول، من خلال الحصول على البيانات الوطنية في مختلف المجالات.
اقرأ أيضاً
دقة التحليلات
المستشار الاقتصادي والخبير المالي هاشم الفحماوي، أكد على وجود نوع من القلق في المؤسسات الاستثمارية لإدراج أنظمة الذكاء الاصطناعي في أسواق المال العالمية، بشأن دقة عمليات التحليل والتنبؤ، بما يتيح للمستثمرين اتخاذ القرار الصائب، سواء في الاستثمار بالبورصات، أو حتى في استثمارات تجارية أخرى.
اقرأ أيضاً
ويتوقع الخبير المالي أن يفرض الذكاء الاصطناعي تأثيرا كبيرا على البورصات العالمية والعربية، لكنه أشار إلى أن تطوير هذا النظام يحتاج من عامين إلى ثلاثة أعوام للوصول إلى مستوى الدقة المطلوب، والذي يمكن للشركات توفيره للمستثمرين.
ويلفت الفحماوي إلى أن بعض الشركات أدرجت تقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل البورصات العالمية بالفعل، "لكنها في الوقت الحالي تعطي قراءات خاطئة أو غير دقيقة" وقد تتسبب في تكبّد المستثمرين خسائر فادحة.
ويعود السبب في ذلك إلى نقص المعلومات المالية والفنية لتقنية الذكاء الاصطناعي حتى الآن، بحسب الفحماوي، مشيرا إلى أن تطوير هكذا تقنية قد يتسبب في خلق أزمة حقيقية للمؤسسات الاستثمارية العملاقة، وقد يدفعها إلى تبنّي تقنية الـ "بلوك تشين" على أنظمتها المالية وإعادة تركيب خوارزمياتها بهدف إعاقة وصول الذكاء الاصطناعي إلى المعلومة الحقيقية للصناديق الاستثمارية العالمية.
و"البوك تشين" هو نوع من قواعد البيانات الموزعة، التي تخزن المعلومات في مجموعات تسمى "كتل Block"، وتربط هذه الكتل ببعضها عبر سلسلة hain بواسطة رموز تشفيرية، وكل كتلة تحتوي على رمز تشفيري للكتلة السابقة لها، وعلامة زمنية، وبيانات المعاملات الخاصة بها، حسبما أورد موقع "إنفستوبيديا"، المعني بشؤون الاستثمار والتمويل.
وحسب الفحماوي، فإن استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في تطوير برمجيات الأسهم والعملات المشفرة قد يحدث طفرة حقيقية، لكن لها بعض المؤشرات السلبية على الصناديق العالمية، لأنها ستساعد المستثمر في اتخاذ قرار الاستثمار وتقليل من نسبة الأخطاء، وهو ما يعني تقليل فرص الربح لتلك الصناديق.
لوغاريتمات مخفية
ولأن معرفة اتجاه السهم والتنبؤ بحركته اليومية والأسبوعية والشهرية ترتبط باستخدام نظام للتحليل الفني، فإن ربطها بتقنية الذكاء الاصطناعي ممكن، "لكن هناك طرق تحايل يستخدمها أصحاب السيولة لعكس هذه المؤشرات من إيجابية إلى سلبية ومن سلبية إلى إيجابية" حسب الفحماوي.
ويشير المستشار الاقتصادي إلى أن أهم أداة يستطيع أصحاب المال والنفوذ، من خلالها، تشتيت التنبؤ هي "نظام التداول اللوغارتمي المخفي"، وهو نظام مستخدم في عدة أسواق مالية، عربية وعالمية، وغير مكشوف للجميع.
ويتوقع الفحماوي أن يتسبب هكذا نظام في خلق مشكلة لتقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل اتجاه السهم أو المؤشرات، لأن المعلومات المطلوبة لبناء عملية تحليل دقيقة ستكون غير متوفرة، ولذا ستكون نسبة الفشل مرتفعة في معرفة الاتجاه الحقيقي للسهم أو المؤشرات العامة لأسواق المال.
ولذا يرى الخبير المالي أن نظام التداول الإلكتروني اللوغارتمي هو العائق الحقيقي أمام نجاح تقنية الذكاء الاصطناعي في تنبؤات البورصات العالمية، مشيرا إلى أن ذلك أحد أسباب عدم توصل بعض الشركات العملاقة، التي تملك برامج تعمل بالذكاء الاصطناعي، إلى إنشاء برامج فعالة ودقيقة للبورصات.
فحتى إذا نجحت هذه الشركات في دمج تقنية الذكاء الاصطناعي في البورصات العالمية، سيكون عليها أن تبني خوارزميات تستطيع الولوج إلى نظام التداول الإلكتروني اللوغارتمي، من خلال بناء سلسلة كتل خوارزمية لسحب الملفات اللوغارتمية المخفية، وهو ما لم يتم حتى اليوم.