قم بمشاركة المقال
أكثر من 50 مليار دولار من الاستثمارات الخليجية في السودان، خصوصاً في القطاع الزراعي، أصبحت مهددة مع تصاعد القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وإذا طالت حرب السودان التي اندلعت منتصف إبريل/ نيسان الماضي، فمن شأن ذلك أن يرفع فاتورة الغذاء في دول مجلس التعاون الخليجي التي قفزت من 25.8 مليار دولار في عام 2010 إلى 53.1 مليار دولار عام 2020، وفق تقرير مركز "تريندز للبحوث والاستشارات".
اقرأ أيضاً
ومع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تضاعفت أسعار الغذاء، خصوصاً أن البلدين من كبار مصدري الحبوب في العالم، وإذا توقفت صادرات الغذاء السودانية من التدفق إلى السوق الخليجية، فإن الأزمة ستصبح مضاعفة.
و خلال الأعوام العشرة الأخيرة، استثمرت دول مجلس التعاون الخليجي ما لا يقل عن 53 مليار دولار، الجزء الأكبر منها في القطاع الزراعي.
وجاءت السعودية في المرتبة الأولى باستثمارات بلغت نحو35.7 مليار دولار، تركز معظمها بقطاع الزراعة، حيث دعمت الاستثمارات السعودية 250 مشروعاً في السودان.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وعد وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بضخ 3 مليارات لمشروعات صندوق الاستثمار في السودان، تليها دفعات أخرى.
اقرأ أيضاً
وتستورد السعودية كميات كبيرة من المنتجات الزراعية ورؤوس الماشية من السودان، خصوصاً في عيد الأضحى، وهذا ما يفسر وصول المبادلات التجارية بين البلدين إلى 8 مليارات دولار، وهو رقم يندر أن يسجل بين بلدين عربيين.
من جهتها تستثمر الإمارات 7 مليارات دولار بالسودان، منها 6 مليارات دولار في القطاع الزراعي، بحسب وسائل إعلام عربية، بينها قناة "CNBC" عربية.
اقرأ أيضاً
الكويت هي الأخرى استثمرت في السودان 7 مليارات دولار، لكن أشهر استثماراتها تعود لشركة زين للاتصالات، فيما استثمرت قطر 4 مليارات دولار في الزراعة وتربية المواشي والتعدين والعقارات.
ولا توجد أرقام توضح حجم استثمارات سلطنة عمان ومملكة البحرين في السودان، لكن سبق للبحرين أن حصلت على رخصة لاستثمار قطعة أرض زراعية مساحتها 100 ألف فدان منذ يونيو/ حزيران 2013.
إلا أن المشروع تأخر تنفيذه رغم إقراره مجدداً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وفق وسائل إعلام سودانية وبحرينية.
أما سلطنة عمان، فأعلنت في 2017 حصولها على أرض زراعية من السودان لاستثمارها في إنتاج الأعلاف الخشنة (حبوب الذرة الصفراء، والشعير، وفول الصويا) بالنظر للعجز الذي تعاني منه في إنتاج الأعلاف الحيوانية، الذي يقدر بنحو 47 بالمائة في 2016، والحد من استهلاك المياه الجوفية.
غير أن إعلامياً سودانياً تحدث عن مساحات واسعة ممنوحة لشركات ودول عربية، لكنها لم تجد طريقها للاستثمار أو لم يستثمر سوى جزء منها.
بفضل استثمار عشرات مليارات الدولارات في إنتاج المحاصيل الزراعية وأعلاف الحيوانات، بالإضافة إلى تربية المواشي، تمكنت دول الخليج من تأمين حصة من أمنها الغذائي عبر السودان.
غير أن الحرب المندلعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تهدد بشكل غير مباشر الأمن الغذائي الخليجي، وتعطل نشاط الاستثمارات في مناطق الاشتباكات.
فالأجواء السودانية مغلقة حتى نهاية مايو/ أيار الجاري، والطريق المؤدية من الخرطوم إلى ميناء بورتسودان على سواحل البحر الأحمر خطرة، ويصعب من خلالها شحن الصادرات الزراعية والحيوانية إلى دول الخليج، وخصوصاً السعودية، مع اقتراب موسم الحج والأضاحي.
ويتزامن توقف الصادرات الزراعية والمواشي السودانية نحو دول الخليج، مع ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، خصوصاً القمح والأرز، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
هذا الوضع من شأنه أن يدفع دول الخليج إلى استيراد الحبوب والأعلاف والمواشي من أسواق بعيدة وبأسعار أعلى من نظيرتها بالسودان، ما سيرفع من فاتورة الغذاء، بل من شأن ذلك أن يهدد الأمن الغذائي الخليجي.
وليس من المستبعد أن تلقي السعودية ودول الخليج ثقلها لتهدئة الأوضاع في السودان، وحماية استثماراتها واستئناف الصادرات الزراعية والمواشي، وأيضاً الذهب الخام، لحماية أمنها الغذائي.